سألنى مجموعة من الأصدقاء هذا السؤال، وقبل أن أجيب أوضحت أن فشل أو نجاح الثورة يتوقف على ما كنا نتمناه من الثورة أصلاً ثم تقييم الفجوة بين ما تمنيناه وما حدث فعلياً. ولا بد أن يكون واضحاً أن الثورة كمشروع مجتمعى يكون فيها التضحية من أجل المستقبل مثل من يستصلح أرضاً فى الصحراء أو يبنى مصنعاً، عليه أن يدفع التكلفة أولاً قبل أن يحصل على النتائج. فى بعض الثورات كانت التكلفة مرتفعة وظلت سنوات طويلة للغاية، حين كانت قيم النخبة متفاوتة بشدة. وفى بعض الثورات كانت التكلفة معقولة حين كانت قيم النخبة متقاربة نسبياً مع وضوح رؤية بشأن ما شكل البلد الذى يريدونه فى النهاية، والأهم ما الذى لا يريدونه لبلدهم.
وحين أعود إلى بعض الكتابات التى رصدت تاريخ الثورات فى العالم أستنتج أن الثورة تفشل حين تفشل فى قيادة المجتمع نحو تحقيق سبعة أهداف:
أولاً، تفشل الثورة حين تتحول عند قطاع واسع من المصريين كمرادف للفوضى والدمار والإفقار، ويرى الناس أن ما كان سابقاً عليها كان أفضل مما هو لاحق عليها.
ثانياً، تفشل الثورة حين لا يكون هناك من يمثل الميدان فى البرلمان والديوان، بعبارة أخرى حين لا نرى ما يكفى من قيادات وشباب الثورة وقد أتيحت لهم فرصة تمثيل الأمة فى البرلمان والمشاركة فى العمل الوزارى والحكومى وفقاً لكفاءتهم.
ثالثاً، تفشل الثورة حين نعود إلى عصر الاستبداد السياسى الذى له ثلاثة مظاهر أساسية: تركيز السلطة فى يد فرد أو مجموعة أفراد، تأبيد السلطة بأن يظل الشخص أو الحزب الحاكم فى السلطة على غير إرادة المواطنين، وتزييف إرادة الناخبين فى انتخابات غير تنافسية، غير حرة، غير نزيهة، غير تعددية، غير سرية، غير مباشرة، لا يحترم فيها القانون.
رابعاً، تفشل الثورة حين يكون بيننا من هو فوق المحاسبة السياسية والجنائية بحكم المنصب أو الثروة أو النفوذ الاجتماعى. وطالما أن رؤساء الجمهورية لم يعودوا بعيدين عن قفص الاتهام والمحاكمة، فقد نجحت الثورة فى خلق بيئة سياسية أكثر محاسبة وأكثر شفافية وأكثر مساءلة. وما «الأيادى المرتعشة» عند المسئولين، رغماً عن خطورة نتائجها، إلا بسبب الخوف من كشف الفساد وسوء استغلال المنصب.
خامساً، تفشل الثورة حين نتحول إلى أعداء يقتل بعضنا بعضاً ويسب بعضنا بعضاً وينال بعضنا من بعض، نتنابز بالألقاب ونتبارى بالسباب، ويكون هدفنا تدمير الآخرين وليس إنقاذ البلاد، فنفقد رأسمالنا الاجتماعى القائم على الثقة والاحترام والوفاء بالوعد وافتراض أن أى مواطن مصرى يساوينا أخلاقياً وسياسياً وقانونياً.
سادساً، تفشل الثورة حين نجد فى الدستور نفس العوار الذى كان موجوداً فى دستور 1971 من ربط كل الحقوق والحريات بقرارات من السلطة التنفيذية أو وضع قيود عليها من قوانين تنال منها، وحين لا نستفيد من عشرات الدساتير الحديثة فى العالم التى أرست مبادئ مهمة تتعلق بالمؤسسات المستقلة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية وكيفية تحقيق التوازن بين السلطات والرقابة المتبادلة بلا شلل للحياة السياسية وبعيداً عن عدم الاستقرار المحتمل فى عمل مؤسساتها.
سابعاً، تفشل الثورة حين يفقد الإنسان المصرى قدرته على الأمل والنظر للغد بعين الرغبة والتطلع لغد أفضل. تفشل الثورة حين لا ندرك أن الغد فى ضمير الغيب يستوى السادة والصعاليك فى ترقبه، ولم يبقَ إلا اليوم الذى يعيش العقلاء فى حدود الاجتهاد فيه، فالمرء حين يترك العنان لمخاوفه تتحول إلى هواجس مقبضة ومشاعر محيرة.
إذا اتفقنا على المعايير السابقة، فلا شك أننا سنجد أنفسنا أميل للاعتقاد بأن الثورة قد فشلت، ولكن دعونا لا ننسى أن هذه هى مرحلة دفع التكلفة، ولا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
لقد أنجز أبناء هذا الجيل الكثير، ولهم أن يفخروا به، وأن يحولوا طاقات العطاء داخلهم من الاعتراض على ما يفعله الآخرون إلى طاقة مبادرة لإصلاح أوضاع المجتمع والناس. وسيظل أملنا كبيراً فى أن يقودنا ربنا إلى مواجهة التحديات الكبرى: الفقر، الجهل، المرض، الظلم، والعدد.
وحين أعود إلى بعض الكتابات التى رصدت تاريخ الثورات فى العالم أستنتج أن الثورة تفشل حين تفشل فى قيادة المجتمع نحو تحقيق سبعة أهداف:
أولاً، تفشل الثورة حين تتحول عند قطاع واسع من المصريين كمرادف للفوضى والدمار والإفقار، ويرى الناس أن ما كان سابقاً عليها كان أفضل مما هو لاحق عليها.
ثانياً، تفشل الثورة حين لا يكون هناك من يمثل الميدان فى البرلمان والديوان، بعبارة أخرى حين لا نرى ما يكفى من قيادات وشباب الثورة وقد أتيحت لهم فرصة تمثيل الأمة فى البرلمان والمشاركة فى العمل الوزارى والحكومى وفقاً لكفاءتهم.
ثالثاً، تفشل الثورة حين نعود إلى عصر الاستبداد السياسى الذى له ثلاثة مظاهر أساسية: تركيز السلطة فى يد فرد أو مجموعة أفراد، تأبيد السلطة بأن يظل الشخص أو الحزب الحاكم فى السلطة على غير إرادة المواطنين، وتزييف إرادة الناخبين فى انتخابات غير تنافسية، غير حرة، غير نزيهة، غير تعددية، غير سرية، غير مباشرة، لا يحترم فيها القانون.
رابعاً، تفشل الثورة حين يكون بيننا من هو فوق المحاسبة السياسية والجنائية بحكم المنصب أو الثروة أو النفوذ الاجتماعى. وطالما أن رؤساء الجمهورية لم يعودوا بعيدين عن قفص الاتهام والمحاكمة، فقد نجحت الثورة فى خلق بيئة سياسية أكثر محاسبة وأكثر شفافية وأكثر مساءلة. وما «الأيادى المرتعشة» عند المسئولين، رغماً عن خطورة نتائجها، إلا بسبب الخوف من كشف الفساد وسوء استغلال المنصب.
خامساً، تفشل الثورة حين نتحول إلى أعداء يقتل بعضنا بعضاً ويسب بعضنا بعضاً وينال بعضنا من بعض، نتنابز بالألقاب ونتبارى بالسباب، ويكون هدفنا تدمير الآخرين وليس إنقاذ البلاد، فنفقد رأسمالنا الاجتماعى القائم على الثقة والاحترام والوفاء بالوعد وافتراض أن أى مواطن مصرى يساوينا أخلاقياً وسياسياً وقانونياً.
سادساً، تفشل الثورة حين نجد فى الدستور نفس العوار الذى كان موجوداً فى دستور 1971 من ربط كل الحقوق والحريات بقرارات من السلطة التنفيذية أو وضع قيود عليها من قوانين تنال منها، وحين لا نستفيد من عشرات الدساتير الحديثة فى العالم التى أرست مبادئ مهمة تتعلق بالمؤسسات المستقلة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية وكيفية تحقيق التوازن بين السلطات والرقابة المتبادلة بلا شلل للحياة السياسية وبعيداً عن عدم الاستقرار المحتمل فى عمل مؤسساتها.
سابعاً، تفشل الثورة حين يفقد الإنسان المصرى قدرته على الأمل والنظر للغد بعين الرغبة والتطلع لغد أفضل. تفشل الثورة حين لا ندرك أن الغد فى ضمير الغيب يستوى السادة والصعاليك فى ترقبه، ولم يبقَ إلا اليوم الذى يعيش العقلاء فى حدود الاجتهاد فيه، فالمرء حين يترك العنان لمخاوفه تتحول إلى هواجس مقبضة ومشاعر محيرة.
إذا اتفقنا على المعايير السابقة، فلا شك أننا سنجد أنفسنا أميل للاعتقاد بأن الثورة قد فشلت، ولكن دعونا لا ننسى أن هذه هى مرحلة دفع التكلفة، ولا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
لقد أنجز أبناء هذا الجيل الكثير، ولهم أن يفخروا به، وأن يحولوا طاقات العطاء داخلهم من الاعتراض على ما يفعله الآخرون إلى طاقة مبادرة لإصلاح أوضاع المجتمع والناس. وسيظل أملنا كبيراً فى أن يقودنا ربنا إلى مواجهة التحديات الكبرى: الفقر، الجهل، المرض، الظلم، والعدد.