لازلت أذكر ذلك اليوم الذي وقف فيه رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان في المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية التركي في نهاية شهر أغسطس من العام الماضي 2012 يداعب عواطف الأتراك وأحلامهم، حينما قدم لهم قائمة بحجم الإنجازات التي قام بها حزبه خلال عشر سنوات من الحكم، ومستعرضا معهم رؤيته للسنوات العشر القادمة حتى العام 2022 ثم رؤيته العامة ومخططه لتركيا بعد خمسين عاما،
هذه الطريقة في الحكم هي التي تميز الحكام الذين لديهم رؤية ومشروع من الحكام الذين يحكمون شعوبهم باليومية،
وكان من أهم المشروعات التي تحدث عنها أردوغان أحد المشروعات التي فكر فيها أجداده قبل مائة وخمسين عاما وتحديدا عام 1860 حينما طرح السلطان العثماني عبد المجيد فكرة حفر نفق تحت مضيق البوسفور يربط بين شطري اسطنبول الآسيوي والأوروبي، لكن عدم وجود أجهزة تقنية لتنفيذ المشروع آنذاك أدى إلى تأجيله إلى أن طرح مرة أخرى خلال حقبة التسعينيات حينما وصل عدد سكان اسطنبول إلى خمسة عشر مليون نسمة كثيرون منهم يعملون في القسم الأوروبي لكنهم يعيشون في القسم الآسيوي من المدينة ورغم بناء أكثر من جسر فوق البوسفور إلا أن زيادة عدد السكان والحركة بين شطري المدينة لم تعد كافية لتحرك الناس بسهولة ويسر، كان أردوغان رئيس بلدية اسطنبول في التسعينيات ولم يكن حلم السلطان عبد المجيد بعيدا عن تفكيره لكن اسطنبول كانت تعج بالمشاكل مثل انقطاع المياه وازدحام المواصلات وغيرها من المشاكل اليومية لحياة الناس التي عمل أردوغان على حلها أولا، ونجح إلى حد كبير في تحويل اسطنبول إلى مدينة جاذبة ليس للسياحة فقط وإنما للأيدي العاملة التي ظلت تواجه مشكلة الانتقال بين شطري المدينة، وبعدما تولى حزبه السلطة في عام 2003 كان من أوائل المشروعات الكبرى التي فكر فيها أردوغان هو كيف يحقق مشروع حلم المائة وخمسين عاما بربط شطري المدينة عبر نفق تحت البوسفور، وفي شهر مايو من العام 2004 أعلن عن انطلاق المشروع الحلم ببناء نفق مرمراي الذي يبلغ طوله أربعة عشر كيلو مترا بينها ألف وأربعمائة متر تحت الماء، وبدأ بناء المشروع بشراكة بين شركات يابانية وتركية وتمويل من بنك اليابان للتعاون الدولي بلغ 735 مليون يورو علاوة على تمويل من بنوك أوروبية وتركية حيث تقدر التكلفة النهائية للمشروع بحوالي ثلاثة مليارات دولار.
كان طموح أردوغان أن يتم إنجاز عمليات الحفر خلال أربعة أعوام لكن اكتشاف مجموعة من الكنوز الأثرية ومقبرة كبيرة لسفن تعود إلى الإمبراطورية البيزنطية أدى إلى تأخر الحفر لكن أردوغان صاحب الرؤية البعيدة الذي يراعي مصالح الناس الآن وغدا وليس الآثار التي اندثرت واندثر أهلها وقف ليخاطب الناس قائلا «تحدثوا في البداية عن قطع أثرية، ثم عن أوان فخارية، ثم عن هذا وعن ذاك، وهل هناك أهم من الناس؟» نعم ليس هناك أهم من الناس ومصالح الناس الآن أما تلك الأمم التي خلت إذا تعارضت آثارها مع مصالح الناس تقدم مصالح الناس، وفي شهر أغسطس الماضي قاد أردوغان أول قاطرة عبرت النفق كتجربة لخط القطار الذي سيربط شطري المدينة علاوة على السيارات بعد ذلك.
أحمد منصور - See more at: http://www.elhasad.com/2013/10/blog-post_2217.html#sthash.TqdMO4NC.dpuf
هذه الطريقة في الحكم هي التي تميز الحكام الذين لديهم رؤية ومشروع من الحكام الذين يحكمون شعوبهم باليومية،
وكان من أهم المشروعات التي تحدث عنها أردوغان أحد المشروعات التي فكر فيها أجداده قبل مائة وخمسين عاما وتحديدا عام 1860 حينما طرح السلطان العثماني عبد المجيد فكرة حفر نفق تحت مضيق البوسفور يربط بين شطري اسطنبول الآسيوي والأوروبي، لكن عدم وجود أجهزة تقنية لتنفيذ المشروع آنذاك أدى إلى تأجيله إلى أن طرح مرة أخرى خلال حقبة التسعينيات حينما وصل عدد سكان اسطنبول إلى خمسة عشر مليون نسمة كثيرون منهم يعملون في القسم الأوروبي لكنهم يعيشون في القسم الآسيوي من المدينة ورغم بناء أكثر من جسر فوق البوسفور إلا أن زيادة عدد السكان والحركة بين شطري المدينة لم تعد كافية لتحرك الناس بسهولة ويسر، كان أردوغان رئيس بلدية اسطنبول في التسعينيات ولم يكن حلم السلطان عبد المجيد بعيدا عن تفكيره لكن اسطنبول كانت تعج بالمشاكل مثل انقطاع المياه وازدحام المواصلات وغيرها من المشاكل اليومية لحياة الناس التي عمل أردوغان على حلها أولا، ونجح إلى حد كبير في تحويل اسطنبول إلى مدينة جاذبة ليس للسياحة فقط وإنما للأيدي العاملة التي ظلت تواجه مشكلة الانتقال بين شطري المدينة، وبعدما تولى حزبه السلطة في عام 2003 كان من أوائل المشروعات الكبرى التي فكر فيها أردوغان هو كيف يحقق مشروع حلم المائة وخمسين عاما بربط شطري المدينة عبر نفق تحت البوسفور، وفي شهر مايو من العام 2004 أعلن عن انطلاق المشروع الحلم ببناء نفق مرمراي الذي يبلغ طوله أربعة عشر كيلو مترا بينها ألف وأربعمائة متر تحت الماء، وبدأ بناء المشروع بشراكة بين شركات يابانية وتركية وتمويل من بنك اليابان للتعاون الدولي بلغ 735 مليون يورو علاوة على تمويل من بنوك أوروبية وتركية حيث تقدر التكلفة النهائية للمشروع بحوالي ثلاثة مليارات دولار.
كان طموح أردوغان أن يتم إنجاز عمليات الحفر خلال أربعة أعوام لكن اكتشاف مجموعة من الكنوز الأثرية ومقبرة كبيرة لسفن تعود إلى الإمبراطورية البيزنطية أدى إلى تأخر الحفر لكن أردوغان صاحب الرؤية البعيدة الذي يراعي مصالح الناس الآن وغدا وليس الآثار التي اندثرت واندثر أهلها وقف ليخاطب الناس قائلا «تحدثوا في البداية عن قطع أثرية، ثم عن أوان فخارية، ثم عن هذا وعن ذاك، وهل هناك أهم من الناس؟» نعم ليس هناك أهم من الناس ومصالح الناس الآن أما تلك الأمم التي خلت إذا تعارضت آثارها مع مصالح الناس تقدم مصالح الناس، وفي شهر أغسطس الماضي قاد أردوغان أول قاطرة عبرت النفق كتجربة لخط القطار الذي سيربط شطري المدينة علاوة على السيارات بعد ذلك.
أحمد منصور - See more at: http://www.elhasad.com/2013/10/blog-post_2217.html#sthash.TqdMO4NC.dpuf